مجلس ليلة سابع محرم 1440هـ

الخطيب الشيخ حامد عاشور

__________________________________________________

 

المجلس السابع – القسم الاول

أسماءٌ من تأريخ كربلاء

(فاطمة بنت حزام الكلابية)

 

الاسم الذي سنتحدث عنه هذا اليوم هو ليس فقط مرتبط بتاريخ كربلاء وإنما هو حرف من حروف كربلاء بل هو كلمة كربلاء.

الاسم الذي سنتحدث عنه هو فاطمة بنت حزام الكلابية المعروفة عند كل المحبين بكنيتها أم البنين عليها السلام.

من هي أم البنين؟

أم البنين من قبيلة تعرف بقبيلة بني كلاب وهي من أشهر القبائل وأعرقها بين قبائل العرب فقد امتازت بصفات ومميزات كثيرة أبرزها ميزتان مهمتان، الأولى الشجاعة والثانية الفصاحة والأدب والبلاغة.

كيف لنا أن نقيس لهذه القبيلة أنها شجاعة أكثر من غيرها؟

قالوا لكثرة الفرسان التي أنجبتهم هذه القبيلة فقد عرف عنها ببطولاتها وربط جأش شبانها وفرسانها.

وكيف لنا أن نعرف بيان البلاغة والأدب والفصاحة لقبيلة بني كلاب؟

قالوا أن البيان والدليل هو كثرة الشعراء التي أنجبتهم هذه القبيلة.

وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام لعقيل كما هو مذكور في الروايات:

يا عقيل، اختر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب ؛ لأتزوّجها لتلد لي غلاماً فارساً،، – وورد بنص آخر: أبغني امرأة قد ولدتها الفحول من العرب ؛ لأتزوّجها فتلد لي غلاماً أسداً – فقال عقيل للإمام: أين أنت من فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية ؟ فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس.

لماذا طلب الإمام علي من عقيل أن يخطب له امرأة ولدتها الفحول من العرب؟

قالوا لأن عقيل كان متخصصا ومعروفا أنه من نسابة العرب فكان يعرف القبائل وعشائرها وما تمتاز به العشائر عن غيرها.

ولادة أم البنين عليها السلام:

لم يسجل لنا التاريخ يوم ولادتها ولا شهر ولادتها، ولكن ولادتها كانت ما بين العام الخامس للهجرة إلى التاسع للهجرة، أي أن ولادتها لم تكن قبل عام 5 هجرية ولا بعد عام 9 هجرية.

وهذا يعني أنها  إما في عمر السيدة زينب عليها السلام أو قريباً من عمرها.

وبخصوص وفاتها فهناك رأيان:

الرأي الأول:

وهو الرأي الذي تفرد به بعض المحققين كالسيد عبدالزراق المقرم حيث يستقرب أن عام وفاتها كان قبل الواحد والستون للهجرة أي قبل واقعة كربلاء لكنه يؤكد على عظمة وفضل أم البنين عليها السلام بمواقفها المعظمة والمشرفة التي هي كثيرة ومتواترة ولا يمكن للغيوم أن تحجبها.

الرأي الثاني:

الذي يتبناه أغلب المؤرخون: كان وفاتها في العام الرابع والستين للهجرة ويستندون إلى بعض الروايات.

– في يوم الثالث عشر من شهر جمادى وفي مجلس الإمام السجاد وبحضور بعض أصحابه الخلص دخل غلام صغير يصرخ ويبكي وهو يقول لقد ماتت جدتي أم البنين فأخذه زين العابدين وعندها سُمع صوت ونحيب الإمام، وكان هو من صلى عليها وواراها الثرى.

فسلامٌ عليها يوم ولدت ويوم تزوجت ويوم عاشت مضحية، ويوم أنجبت الشهداء ويوم ماتت شهيدة في حب بيت أهل العصمة عليهم أفضل الصلاة والسلام.

أم البنين أنجبت أربعة من الأبناء الأول العباس والثاني عبدالله والثالث عثمان، والرابع هو جعفر.

–      العباس كان عمره 34 سنة.

–      عبدالله كان عمره 25 سنة.

–      عثمان كان عمره 21 سنة.

–      جعفر كان عمره 19 سنة.

(كلهم شباب).

أما بالنسبة إلى كنيتها أم البنين فتوجد عدة آراء حول ذلك:

الرأي الأول: يقوم أن “أم البنين” هو اسمها.

الرأي الثاني: أن من لقبها كان أمير المؤمنين وذلك حينما طلبت من الإمام أن لا يناديها باسم فاطمة حتى لا يدخل الحزن على قلبي الحسن والحسين عندما يسمعون اسم أمهما على لسان أبيهما.

الرأي الثالث: أنها سميت بأم البنين بعد أن استشهد أبناؤها الأربعة.

– بعد كربلاء:

عندما تفقد الأم أحد أولادها فإن أولادها الآخرين يصبرونها على فقده ولكن كيف إذا فقدت كل الأولاد فكيف تتسلى؟!

أم البنين فقدت أولادها جميعا وكان زوجها قد استشهد بل أنها لم تستطع حتى زيارة قبورهم فلم يكتب التاريخ أنها خرجت لزيارتهم.

رسمت باصبعها أربع قبور وقامت تخاطب القبور التي رسمتها وهي ترثي أبنائها وكان يجتمع أهل المدينة حين رثائها.

ويقال أن مروان الحكم قاسي القلب كان يحب الشعر وعندما سمع أن أم البنين تنشد ذهب لسماعها، وعندما سمع لكلماتها التي تقطع القلب نزلت الدمعة من عينيه !!

هذا القاسي والذي هو من أشد الأعداء دمعت عينه من كلام أم البنين عليها السلام.

 

————————————————-

 

المجلس السابع – القسم الثاني

تأملات في زيارة العباس

 

ذكرنا سابقاً أن أفضل وسيلة للتعرف عن خصائص العباس عليه السلام هو ما روي بشأنه من الإمام المعصوم.

العباس كتب عنه المؤلفون والمؤرخون وأنشد فيه الشعراء وكتب فيه المصنفون أيضا وإذا أردنا أن نعرف العباس فخذوا الكلام حوله من لسان المعصوم.

فقد ورد في حقه من قِبل أغلب الأئمة عليهم السلام وهم أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام السجاد، والإمام الباقر والإمام الهادي عليهم السلام، بل وثقه ومدحه الإمام الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف في الزيارة الناحية المقدسة.

ومن أفضل ما يمكن التعرف على أبا الفضل العباس هو في زيارته عليه السلام التي تعتبر من أهم المصادر في توثيق الخبر، وهنا نقف على مفردتان من خلال لسان الزيارة، المفردتان هما: الناصح، والمبالغ في النصرة.

الناصح:

وهذه المفردة تكررت أربع مرات في روايات الزيارة وهنا ثلاث دلائل على هذه المفردة.

– الناصح إذا لم يكن عارفا ولم يكن حاويا ومؤهلا للنصيحة فلا يقال له ناصحا لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

ولو لم يكن العباس حاويا ومؤهلا للنصيحة لما استطاع أن يعطي النصيحة.

– رجحان العقل: فلا تؤخذ النصيحة من غير راجح العقل وهذا ما يعكسه المدح والثناء في شخصية العباس.

– العباس عليه السلام زُقَّ العِلمُ زقّاً.

المبالغ في النصرة:

وهذه تكررت في أكثر من زيارة منها الزيارة الواردة عن الصادق عليه السلام، في زيارة العباس يستخدمون لفظة المبالغ في النصرة.

ليس هناك أحدا يشك أن النصرة كانت واضحة في شخصية العباس عليه السلام، ولكن ما معنى المبالغة في النصرة؟

هناك معانٍ عدة تكون في قالب الكم والكيف ونكتفي بذكر معنى واحدا:

كان العباس يؤدي النصرة ويلفت النظر من خلال مبالغته في النصرة كعدم شربه للماء فعدم شرب العباس للماء لا يوجد فيه تزاحم مع حكم شرعي.

شربه لم يكن حراما ولا مكروها، ولذلك تجد أنه بالغ في النصرة حتى أنه منع نفسه من شرب الماء مع أمس الحاجة له.

وهنا اقف في لفتة لطيفة:

– بنو هاشم عرفوا بالجمال ووقال عنه المؤرخون العباس قمر بني هاشم فما هو مقدار جمال العباس!

المقالة السابقةتغطية صوتية: ليلة سابع محرم 1440هـ
المقالة القادمةتغطية مصورة: يوم سابع محرم 1440هـ

اترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا