مجلس ليلة الثاني عشر محرم 1440هـ

الخطيب الشيخ حامد عاشور

__________________________________________________

 

المجلس الثاني عشر – القسم الاول

قطع الرؤوس، ووقفةٌ مع السبي

 

النقطة الأولى: أحداث قطع الرؤوس:

مقدمة نقول أي بحث إذا كان خال من الثمرة فلا قيمة له سوى للعلم فقط؛ ولكن البحث الذي له ثمرة فإنه يبرز قيمته من خلال ثماره.

والبحث عن الرؤوس سواء كان قطعاً أو أخذاً فإن فيه كثيرا من الثمار المهمة نذكر ثلاثاً منها:

الثمرة الأولى:

قطع الرؤوس تثبت مسألة المثلى.

(حاولوا أن يتبرؤوا أن تكون أية مثلة حصلت في كربلاء سوى أنه جيش قاتل جيشاً وأن ما حصل في الجثث في كربلاء من كسر أضلاع وغيرها هو بسبب طبيعة المعركة ووجود خيول وحوافر وسنابك وما شابه).

فحاولوا إعطاء أي تبرير للذي حصل في خضم المعركة (طبيعة المعركة).

لكن لا يوجد اي أحد استطاع أن يعطي تبريرا للذي حصل من قطع الرؤوس.

اذا عرفنا هذه الثمرة حينها سيثبت أن المثلة كانت بأعظم درجات الفضاعة.

الثمرة الثانية:

بحث الرؤوس احد الطرق للوصول لتعداد من قُتل مع الحسين باعتبار تقريب العدد.

تعداد الرؤوس يكون طريقا تقريبيا للوصول لعدد الذين قتلوا في بوغاء كربلاء.

ويستثنون أربعة منهم: الصيداوي، ابن منعم، الحر، الصيداوي وابن منعم أسروا في المعركة.

لدينا قول: فاضت أرواحهم ليلة الحادي عشر

ولدينا قول: فاضت أرواحهم يوم الحادي عشر

والمشهور انهم استشهدوا بعد ستة اشهر متاثرين بالجراحات من معركة كربلاء.

وهناك قول: أخرجوا مع ستة عشر أسيرا من كربلاء {والأسير هو مجموع الرجال}.

الثمرة الثالثة:

نستكشف من الثمرة الثالثة لماذا قطعت الرؤس؟

الرأي الأول:

قالوا تنفيذا لأمر عبيد الله بن زياد

ما أمر به من أكثر من كتاب

(مثلا: جعجع بالحسين (ع)، امنع عنه الماء، فاقطع رأسه، …الخ )

الرأي الثاني:

طلباً للعطاء (طمعاً في العطاء)

يذكرون مثال تقريببي:

خولي الأصبحي لما دخل مجلس يزيد قال:

إملاء ركابي فضة او ذهبا

اني قتلت السيد المحجبا

قتلت خير الناس اما وابا

يقولون أن هذا لديه غباء في طريقة الطلب، يزيد انزعج، وقال لخولي:  إذا كنت تعرف أنك قتلت خير الناس أماً وأباً فلم قتلته؟ اخرج فلا مال لك عندي.

ويرجعون أن قطع الرؤوس كان على هذا الغرار.

الرأي الثالث:

يذكره بعض المؤرخون ويعبرون عنه بالدناءة.

أحيانا الإنسان يفعل أكثر مما يطلبه عبيد الله بن زياد.

مثال مؤلم: خنصر الحسين

من أراد الخاتم ألا يمكنه نزع الخاتم من دون قطع الخنصر؟

يقولون قطع مجازاً (فصل).

وطبياً: يقولون كسر (عظم وعظم فهو كسر الخنصر).

وهذه من هذا الباب وهو دناءة الفعل، في حز الرؤوس عم اجسادها.

كم كان تعداد الرؤوس ؟

الرأي الأول: ٧٢ رأس ومنهم من قال ٧٣ بضم الحر.

الرأي الثاني: بعض المحققين قالوا أنه أشهر الأقوال (٧٨ رأسا).

ومنهم من قال: ٨٢، وأيضا هناك من قال ٩٢ رأس وهو أكثر الأرقام التي ذكرت.

كيف تم توزيع الرؤوس محاصصة؟

وزعت على القبائل:

– أكثر قبيلة (هوازن) وقد أخذت عشرين رأساً، وهي قبيلة شمر بن ذي الجوشن.

وهنا ملاحظة مهمة وجديرة بالالتفات وهي ان أكثر القبائل إما من الخوارج أو ممن لم يكونوا على مذهب الحسين عليه السلام.

القبيلة الثانية بعد هوازن هي قبيلة كندة.

كندة هو حي الخوارج

(عبدالرحمن بن ملجم لما نزل الكوفة لاجل اغتيال امير المؤمنين نزل في حي كندة).

كندة: ومنها قيس بن الأشعث، ومحمد بن الأشعث الذي تولى قضية القبض على ولدي مسلم.

وكان يحمل حقداً على آل عقيل بسبب اليد التي قطعت من مسلم أثناء العراك.

– ثالث قبيلة: قبيلة تميم.

منهم الحصين بن النمير التميمي.

قالوا أن ثاني جيش نزل إلى كربلاء هو جيش الحصين بل قالوا أنه أول نزول رسمي إلى كربلاء.

– منهم قبيلة مدحج،

– وقبيلة بني أسد.

– وباقي الرؤوس وزعت على أفراد.

استشكل البعض على قبيلة مدحج لأنهم كانوا صلحاء وأنهم كيف أخذوا الرؤوس وقد قتل من قبائلهم.

نقول وجود طالح لا يعني أن البقية غير صلحاء، والعكس صحيح.

إشارة مهمة:

هو الغرض من حمل الرؤوس بهذه الطريقة المهانة؟

أو تعليق بعضها أو التشهير بها؟

يقولون كانت حالة من الدناءة أن تشهر رؤوس موتاهم، والغرض من هذا الأمر هو بث الذعر والرعب إلى أهل الكوفة ومن حولهم لأن فيهم من الصحابة، ومن القراء، وغيرهم.

هناك أمور تقرأ بصورة عابرة ولكن لو دققنا النظر فيها فهي مؤلمة بل فيها الدناءة والتفصيل غير مناسب لأن فيه قسوة للقلب.

غرست الرؤوس بالرماح وهذا ما يقصدونه بـ:

– حتى تناثر لحم من جوف الرؤوس

– فتحركت بعض العيون عن محاجرها

– علقت على أسنة الرماح

تأملوا  جيداً..

 

النقطة الثانية: السبي

لا يوجد رقم دقيق في ضبط عدد السبايا، والسبب هو ربما الخلط بين الصغار والكبار، لذلك قيل من الذكور ١٦ وقيل ١٢ وقيل ١٤وقيل ١٩.

الصغار كان منهم من آل الحسن (أبناء أو أحفاد الإمام)

ومن آل عقيل، ومن آل عبدالله بن جعفر.

يبقى اختلاف الأرقام بالنسبة للنساء لأن النساء ليس فقط من بني هاشم لأن فيهم من كن مع الشهداء، ومنهم من كن الكوفة، ومنهن من التحق معهم في الطريق كوهب وأمه وزوجته.

لذلك الرقم المذكور لا بد أن يلحظ أين!

– هل هو من كربلاء إلى الكوفة؟

أم من الكوفة إلى الشام؟

أم من الشام إلى كربلاء؟

كلها تختلف.

في الكوفة جاءت القبائل تستشفع إلى من لهم نسب لها ولم يبقى إلا بنو هاشم لذلك هنا حصل اختلاف في تعداد السبايا.

بلى كانت معهم جارية العارفة المؤمنة اسمها فضة الحبشية.

كيف كان السبي؟

لدينا أعراف في تاريخ العرب ما قبل الإسلام، تقرأ من أحداث الاعراف والتقاليد مثل طريقة الغنائم، والأسر، قانون الأسر، السبايا، قوانين اسرى الصغار، العبيد.. الخ.

جاء الإسلام وهذبها وشذبها وقننها يعني منع بعض الأعراف وقنن بعض الأعراف فوضع قانون للغنيمة وقانون لمن يؤسر (لا يجهز عليه)، والتعامل مع الاسير كقول امير المؤمنين( رفقاً باسيركم، اطعموا مما تاكلون واسقوه مما تشربون…) وكذلك وطريقة فك الأسر وطبيعة الأسر، وما الى ذلك.

الإسلام رتّب هذه القوانين وفق مبدأ طبيعة الإنسان مهما كانت عقيدته وانتماءاته والتعامل معه وفق قوانين كلٌ على حدا.

– النتيجة:

هنا نعقب عليها ونلخص كل الذي جرى بالقول:

ما حصل من أسر في كربلاء لم يكن في قانون الإسلام ولا لما قبل الإسلام.

الجاهلية لا تقاتل في الاسخر الحرم، وعندما تسبى النساء والأطفال فإنهم لا يتعرضون للضرب لأن العرب يرون أن ضرب المرأة المأسورة بالذات هو جبن.

فلا يقبلون على أنفسهم أنهم يضربون المرأة.

في أحداث السبي:

الأعداء كانوا يضربونهن بالسياط حتى اسودت متونهن!!

كسروا أضلع النساء، وورموها و كن لا يستطعن أن يبدين حتى البكاء.

حبال قاسية وُضعت على الرقاب والايدي والارجل!

المقالة السابقةتغطية صوتية: ليلة ثاني عشر محرم 1440هـ
المقالة القادمةتغطية مصورة: ليلة ثالث عشر محرم 1440هـ

اترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا