ملخص مجلس ليلة حادي محرم 1439هـ – الخطيب الشيخ حامد عاشور

 

مفردات كربلائية: لفظة الحائر

نعظم الأجر لرسول الله (ص) وللسيدة فاطمة الزهراء (ع) ولأمير المؤمنين (ع) وللحسن المجتبى (ع) وللأئمة الأطهار ولجميع المؤمنين والمؤمنات، ونحن إذ نعيش في هذه الأيام علينا أن نحمد الله عز وجل بأن أعطانا الصحة والعافية والعمر حتى اجتمعنا في مأتم الحسين (ع)، ونحن إذ نحمد الله علينا أن نستذكر أحبتنا الذين كانوا معنا في السنوات الماضية ونترحم عليهم ونقرأ لهم الفاتحة المباركة.

في البداية سنتناول في كل ليلة من هذه الليال قبل الحديث مفردة كربلائية ونعني بها جمع من المصطلحات والمفردات التي ترتبط بالحسين(ع) وبثورته إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة وذلك لأن الكثير من المفردات إما فهمت خطئاً أو أن تأصيل المفردة لم يكن واضحاً، حتى إذا ما سألنا أبناؤنا أو بناتنا فإننا لا نعطيهم الجواب الشافي حول هذه المفردة أو تلك.

ما هو العلقمي؟ وما هو السهم المثلث؟

ماذا تعني النواويس؟ والغاضرية هل هي كربلاء أم ليست بكربلاء؟

كثير من المفردات لم تفهم، ولعدم فهمنا لها نرى أن الإشكالات تتراكم !

كالنعل مثلا (نتصور أن النعل حينما يذكر في مصيبة القاسم هو النعل الذي يلبس في هذا اليوم).

أو حينما نقول قربة، فإننا لا نعلم أن القربة تسقي سبعة إلى تسعة رجال فيرتفع عندئذ الإشكال كيف سقى الحسين ألف فارس وهو لا يملك سوى مائتي قربة.

فكثير من المصطلحات للبعد الزمني بيننا وبين الواقع ولعدم الاطلاع الدقيق باتت مشوشة وغير واضحة .

في هذا اليوم نتناول لفظة الحائر:

ما نعرفه عن لفظة الحائر هو أمران:

– الأمر الأول هي المنطقة التي تحوط قبر الحسين (ع).

– الأمر الثاني سمي بالحائر لأن الماء حار حول قبر الحسين حينما أرادوا أن يذهبوا برسمه.

نقول هنا أن بحث الحائر هو بحث فقهي بامتياز؛ لماذا؟

لأن الحائر ترتبط فيه مسألة القصر والتمام في المواطن الأربعة التي يخير فيها المصلي بين أن يقصر صلاته أو يتمها.

الفقهاء حددوا الحائر وقالوا هي المنطقة التي تحوط قبر الحسين من الجهات الأربعة بقياس إحدى عشر مترا ونصف من جهة الرأس والرجل واليمين واليسار.

البعض قد يصلي في الحائر وهو لا يعلم.

هناك منشآن مشهوران عند المؤرخين في تسميته بالحائر.

المنشأ الأول:

فعل المتوكل العباسي عندما أمر شرطته الأتراك وقد تدخلوا في قوى الدولة العسكرية آنذاك بهدم القبر، والقبر حينها كان أربع قوائم بجذوع النخل قد سقفت، فربطت القوائم الأربع بالحبال حتى إذا ما وضعت الحبال في أعناق الخيل أخذتها عدوا فاقتلع القبر، فجيء بالماء لكي يؤخذ أثر القبر ورسمه فيندثر فكان كلما سكب الماء حار حول القبر الشريف. وعندما زادوا من الماء أصبح كالجدار.

المنشأ الثاني:

حادثة الثيران التي يذكرها المؤرخون من كلا الفريقين.

جمعوا الثيران في آلة الحرث كي تحرث قبر الحسين فكانت الثيران تتوقف عند وصولها لقبر الإمام (ع).

لا زلنا لا نعرف ما معنى الحائر ؟!

لو كانت لفظة الحائر لهذه المناشئ فالمفترض أننا نفرق بين زمن الصادق (ع) والهادي (ع).
الإمام الصادق استعمل لفظة الحائر كثيرا !

هناك جوابان:

الأول:

قال جمع من المحققين: كثيرا ما استعمل الأئمة ألفاظا لم تتحقق كقول النبي للعراق بالعراق وكانت تسمى بأرض السواد ولم تسمى العراق آنذاك.

هذا الجواب قد يقبل علميا لا غير.

الثاني:

قالوا لا بد الرجوع إلى المقصود من الحائر لغة، والحائر لغة لها معنيان:

الحائر: من الحير وهي الأرض المرتفعة المنبسطة وقديما كانت تسمى كربلاء بالحير.

الحائر: يقال للمنطقة التي فيها الإنسان الحيران.

يعني إما أن الحسين كان حائرا كيف يخرج السهم المثلث وكيف يعالج نفسه فقيل هذه منطقة الحائر.

أو ما يتبناه بعض الأعلام: أي أن من يصل إلى تلك البقعة الطاهرة فإنه يحتار في أمر الإمام الحسين (ع).

البحث الأول: كيف نتعامل مع موسم عاشوراء ؟!

في البداية نقول هنا أن عاشوراء لم تصل لنا إلا بشق الأنفس، فمجالس الإمام الحسين (ع) قد سفكت الدماء من أجلها وضحى الموالين من أجل إقامتها.

وبقى اسم الحسين (ع) بعد أكثر من 1400 سنة يتردد والموالين يهتفون باسم الحسين.

بعد كل المظلوميات والإجحاف المتواصل وإذا بهتاف المحبين: لبيك يا حسين.

فهذا ابن تيمية يقول ما يردده جمع من الروافض ما هو إلا نزر يسير ويندثر !

وغيره  الكثير ممن حارب من أجل إطفاء ذكر الحسين (ع).

التفريط في هذه الشعائر جور كبير ومظلومية ليست فوقها مظلومية.

كيف أقيمت هذه الشعائر وكيف أسست ؟

من خلال عدة مراحل:

المرحلة الأولى:

هي مرحلة الإمام الحسين (ع) وتمثلت في طلب ندبه والبكاء عليه فكانت السيدة زينب (ع) تندب جدها النبي (ص) وتقول: وا محمداه.

الإمام الحسين كان يوصي ابنه علي بن الحسين (ع) – ويؤكد المؤرخون أنها الوصية الأخيرة بعد سقوط أبا الفضل العباس:

ولدي، أنت أطيب ذرّيتي، وأفضل عترتي، وأنت خليفتي على هؤلاء العيال والأطفال ، فإنّهم غرباء مخذولون، قد شملتهم الذلّة واليتم، وشماتة الأعداء، ونوائب الزمان. سكّتهم إذا صرخوا، وآنسهم إذا استوحشوا، وسلِّ خواطرهم بلين الكلام ، فإنّه ما بقي من رجالهم مَنْ يستأنسون به غيرك، ولا أحد عندهم يشتكون إليه حزنهم سواك. دعهم يشمّوك وتشمّهم، ويبكوا عليك وتبكي عليهم. ثمّ لزمه بيده وصاح بأعلى صوته: يا زينب، ويا اُمّ كلثوم، ويا رقيّة، ويا فاطمة، اسمعن كلامي، وأعلمن أنّ ابني هذا خليفتي عليكم، وهو إمام مفترض الطاعة. ثمّ قال له: يا ولدي، بلّغ شيعتي عنّي السّلام، وقل لهم: إنّ أبي مات غريباً فاندبوه، ومضى شهيداً فابكوه.

المرحلة الثانية:

مرحلة الإمام زين العابدين (ع) وتمثلت في عدة حيثيات منها:

التوثيق: وذلك لكي لا تضيع دماء الحسين وأصحابه هدراً.

البكاء على الإمام: 35 سنة كان يبكي على الحسين (ع).

استغلال الفرص في إقامة النوح على الإمام الحسين (ع).

– يزيد عندما فعل ما فعل في مجلسه احتار حينها ماذا يصنع بالسبايا !

يذكر أنّ يزيد إستدعى بِحُرَم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لهن : «أيّهما أحبّ إليكن : المُقام عندي، أو الرجوع إلى المدينة ؟ فقلنَ : نُحبّ أوّلاً أن ننوح على الحسين فقال : إفعلوا ما بدا لكم ثمّ أُخليَت الحجرات والبيوت في دمشق ، ولم تبق هاشميّة ولا قُرشيّة إلا ولَبِسَت السواد على الحسين ، وندبوه سبعة أيام ، فلمّا كان اليوم الثامن أرادوا الرجوع إلى المدينة ، فأمر يزيد أن يُحضروا لهنّ المحامل ، وأعطاهنّ أموالاً كثيرة وقال : هذا المال عِوَض ما أصابكم ! فقالت أمّ كلثوم : «يا يزيد ! ما أقلّ حياؤك وأصلبَ وجهك ؟! تقتل أخي وأهل بيتي وتُعطينا عِوَضهم ؟! فردّوا جميع الأموال ، ولم يأخذوا منها شيئاً.

المرحلة الثالثة:

مرحلة الإمام الباقر (ع) وسنقتصر على ذكر حيثية واحدة، ألا وهي إنشاد الشعر على الإمام الحسين (ع) مع العلم أن الشعر النثر له أثرا في إيصال المعنى.

صيغت مصائب الحسين في قوالب الشعر وانتشرت.

المرحلة الرابعة: مرحلة الإمام الصادق وتمثلت في أربع أمور:

– الحث الشديد لزيارة الإمام الحسين (ع).

– حث الإمام الصادق (ع) على الاجتماع حول ذكر الحسين (ع) والرثاء والبكاء عليه.

– أخلاقيات المجالس (كيف تتعامل مع هذه المجالس)

في الرواية أن الإمام قال : يا عبد الله بن سنان أفضل ما تأتي به هذا اليوم أن تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتحل أزرارك وتكشف عن …الخ الرواية.

– الجهر بندب الحسين (ع).

المرحلة الرابعة:

مرحلة الكاظم (ع) والرضا (ع)

هنا اشتد الخناق فبدأت مرحلة التقية الحرجة.

علموا أن مجالس الحسين كان توقف مشروعهم العباسي والحيثيات التي ظهرت في هذه المرحلة هي:

– لبس السواد

– منع البيع والشراء

– إقامة الندب والبكاء ولو بواحد بل حتى لو كنت لوحدك.

– الامتناع عن لذائذ الطعام والشراب.

– اليوم وللأسف لا فرق في هيئة اللباس بين حضوري في في يوم العاشر أو في ذكرى مواليد الأئمة، ولا فرق في هيئة اللباس بين حضوري. إلى مراسم الزواج و مراسم الفاتحة.

– لذائذ الطعام: الاستغراق في لذائذ الطعام لا تعكس الصورة التي أمر بنا أهل البيت (ع)

بعض السنن قد هجرت فاضطررنا أن نصلح ما يستشكل علينا لأننا هجرنا بعض السنن ومن أهم السنن هو أن تجهر بالتكبير والتهليل عندما تقع عينيك على قبر المعصوم !

– تجنب الضحك في هذه الأيام.

عن الرضا (ع): (كان أبي إذا دخل شهر المحرم، لا يُرى ضاحكا، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام.. فإذا كان يوم العاشر، كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قُتل فيه الحسين – صلى الله عليه وآله).

مأتم أنصار الحسين – البلاد القديم

ليلة الجمعة 21/09/2017 – ليلة حادي محرم 1439هـ

 

المقالة السابقةتغطية صوتية: ليلة الثالث من محرم الحرام 1439هـ
المقالة القادمةملخص مجلس ليلة ثاني محرم 1439هـ – الخطيب الشيخ حامد عاشور

اترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا